يسعى الجميع، وخاصة شبابنا، لتحقيق حريتهم المالية من خلال العمل على الإنترنت والهروب من جحيم الوظيفة. هذا السعي والطموح دائما ما يصطدمان بحائط التسرع وعدم الخبرة فتتعرض آمالهم لضربات قوية لا يتعافى منها سوى من له عزيمة أقوى وتصميم على بلوغ الهدف لا تهزمه الضربات مهما بلغت قوتها.
ورغبة مني في مساعدة هذه العينة من الشباب العربي الطموح، سأعرض في هذا المقال عددا من النقاط التي يجب على كل شخص اتباعها إذا أراد إنشاء مشروع ناجح على الإنترنت يدر عليه دخلا يضمن له حياة كريمة ويحفظ له كرامته.
خصص وقتا للتعلم الذاتي
مهما كان المجال الذي تود احترافه فإنك بالتأكيد ستكون في حاجة لتعلمه والإطلاع على خباياه وأسراره. فترة التعلم قد تأخذ منك أسابيع أو شهورا ولكنها تبقى ضرورية للغاية ولا يمكنك الإنطلاق بشكل سليم إلا لو مررت بها وأعطيتها كامل حقها.
فلو كان المجال الذي تود احترافه مثلا هو برمجة تطبيقات الموبايل فإن أول شيء عليك القيام به هو تعلم كافة حيثيات هذا المجال بدءً من لغات البرمجة والبرامج المستخدمة في إنشاء التطبيقات مرورا بكيفية تحسين ظهور تطبيقاتك على المتاجر المعروفة والترويج لها، وليس انتهاءً بتعلم سياسة استخدام متاجرالتطبيقات : غوغل بلاي إذا أردت احتراف أندرويد و آب ستور إذا اخترت الإتجاه صوب تطبيقات iOS وهذه المرحلة مهمة حتى تظل محافظا على سلامة حساب المطور الخاص بك وعدم التعرض لخطر إغلاقه.
افعل ما تحب
لا يمكنك النجاح في التدوين مثلا إذا كنت لا تعشق التدوين، فالفشل سيكون بانتظارك عند أول صعوبة ستواجهك إذا كنت لا تؤمن بالمجال الذي اخترته ولا تحبه. الجميع يريدون أن يمتلكوا مدونة ناجحة مثل مدونة المحترف ولكنهم ينسون الكم الهائل من التضحيات والمجهودات التي بذلها راغب أمين للوصول بها إلى مكانتها الحالية.
لذلك أرجوك صديقي لا تحاول تقليد أحد مهما ارتقى في سلم النجاح، ولكن حاول اكتشاف قدراتك وميولاتك لكي تستطيع بعد ذلك اختيار الطريق الذي سوف تسلكه نحو النجاح.
الإستمرار والصبر
تخيل معي أنك تريد حفر بئر ومعك معول، بدأت الحفر في نقطة معينة وبعد بلوغ عمق الحفرة 5 أمتار من دون مياه يئست وقررت الإنتقال لمكان آخر والبدء في الحفر من جديد وهكذا دواليك! هل تظن بأنك بهذه الطريقة ستستطيع استخراج الماء من البئر؟ بالتأكيد الجواب سيكون لا! لو واصلت الحفر في المرة الأولى وتعميق الحفرة أكثر فأكثر لاستطعت الوصول للماء أو على الأقل ستكون متأكدا بأنه لاوجود للماء في تلك المنطقة في حال لم تحصل على أي نتيجة.
هذا المثال ينطبق على نسبة كبيرة جدا من الشباب العربي الذي يطمحون لتحقيق دخل من الإنترنت، يظنون أنه بمجرد نشر تدوينتين أو ثلاث سيتمكنون من جلب آلاف الزوار وتحقيق عوائد من آدسنس، حتى إذا فشل في بلوغ مسعاه من خلال التدوين تجده يتجه نحو اليوتيوب فينشئ قناة لعله يجد هناك ما لم يجده في مدونته. هذا هراء! لا يمكنك تحقيق فلس واحد من الإنترنت إذا لم تتعب وتواصل الحفر والتعلم، ولهذا نبهت جيدا في النقطة السابقة إلى ضرورة اختيار مجال يستهويك وتحس أنه بإمكانك النجاح من خلاله، والنجاح كما هو مسلم لا يتأتى إلا بالصبر والعمل والمجاهدة!
الإنطلاق مبكرا
صديقي، لا تقل سأنطلق الشهر القادم أو العام القادم، لأن التسويف لا يأتي في العادة بخير. أفضل ما ستقوم به هو الإنطلاق اليوم قبل الغد، فآدسنس 2010 ليس هو آدسنس 2016، القوانين تصبح صارمة عاما بعد عام والمنافسة تشتد يوما بعد يوم. كلما انطلقت مبكرا كلما كان ذلك أفضل من جميع النواحي، أن تبدأ وأنت أعزب خير لك من أن تبدأ وأنت متزوج ولك أبناء ومسؤوليات ربما لن تدع لك متنفسا تبدأ من خلاله، كذلك أحسن لك أن تبدأ وأنت مازلت في مرحلة الجامعة ولا مسؤوليات على عاتقك على أن تبدأ بعد تخرجك فحينذاك ستكون الأنظار كلها متجهة صوبك وتبدأ الأصوات المطالبة بالحصول على وظيفة تتعالى من حولك! ابدأ متى استطعت ذلك!
استثمر
ابدأ في استثمار جزء من أموالك في التعلم وشراء الدورات وكذلك الترويج لمنتجاتك، هذا سيوفر عليك وقتا كثيرا ستستغله في تحسين انتاجيتك والرفع من كفاءة وجودة منتجاتك مهما كانت نوعيتها. نصيحتي في هذا الصدد هي أن لا تستثمر أي دولار إلا بعد دراسة جدوى هذا الإستثمار حتى لا تضيع أموالك سدا، فكر وضع خطة واضحة المعالم ثم بعد ذلك استثمر.
إذا كنت لا تمتلك أي رأسمال فبإمكانك البدء من الصفر والإعتماد على خطط بديلة للتقدم ولكن حالما تبدأ في جني بعض الأموال فعليك التفكير في استثمار جزء منها لمضاعفة أرباحك وتوسيع نشاطك، تخلص من عقلية “بالمجان” القديمة وتبنى منذ الآن عقلية الإستثمار فهي السبيل الأنجع للتقدم والبقاء في القمة.
التحفيز مهم للغاية
مهما كنت مولوعا بمجال تخصصك فإنك ستمر من حين لآخر ببعض الفترات التي تحس فيها بالفتور والتراجع، ولكن من غير المقبول أن تطول هذه الفترات أكثر من اللازم لأنها كفيلة بتحطيم مشروعك وإدخالك في متاهة من التراخي والكسل. هنا يلعب التحفيز دورا غاية في الأهمية لإعادتك إلى دائرة العمل والمنافسة، كل واحد منا له المحفزات الخاصة به والتي تؤثر فيه. بالنسبة لي عندما أرى أشخاصا سبقوني في المجال ونجحوا في تحقيق أهدافهم فإن متابعتي لهم كفيل بتحفيزي وإيقاد شعلة المنافسة في داخلي والنهوض بهمتي من جديد.
في السنوات الأخيرة ظهر عديد الشباب العربي الناجحين على الإنترنت وأصبحوا قدوات لغيرهم من المبتدئين، فمثلا لن تجد محترفا في مجال CPA إلا وكان من تلاميذ ومتابعي المغربي محمد بعبيط المعروف بلقب SimoLife والذي حقق مئات الآلاف من الدولارات في مجال CPA وقبله كليك بانك. كما أن المصري أحمد حلمي يعتبر من أنجح الشبان العرب الذين يعملون مع أدسنس، فلقد نجح الرجل في الوصول لتحقيق أرباح شهرية خيالية من خلال موقعه الشهير stylisheve.
في كل المجالات الأخرى ستجد نماذج تستفيد من تجاربها، فالحمد لله بدأت ثقافة المشاركة تنتشر بين رواد الإنترنت العرب.
خاتمة
تقريبا هذه هي النقاط التي أراها جوهرية ومصيرية لتثبيت أقدامك على طريق النجاح، وتذكر دائما، عزيزي المتابع، أنه ما من عذر أمامك لتفشل إلا إذا قررت أنت أن تفشل، فالناجحون نجحوا في تحقيق أهدافهم لإنهم عملوا وجاهدوا بينما الفاشلون فشلوا لأنهم عوض العمل والمجاهدة بقوا جالسين في أماكنهم يلومون ظروفهم وحكوماتهم.